نبيه البرجي
المشهد الذي أيقظ ابن خلدون في قبره : "ها هي في الذروة , حتى أنها وطأت سطح الكواكب الأخرى . لقد أن الأوان لكي تبدأ جدلية الغروب..." !
العالم السوسيولوجي الأميركي اريك اندرسون سأل "الى أين يمكن أن نصل بعدما قالت معاهد البحث الكبرى ان ايقاع الكراهية بين "الجنس الأبيض" و"الأجناس الأخرى" اقترب من لحظة الانفجار ؟" .
الغروب سيكون مختلفاً عن أي غروب آخر . لسنا أمام الأمبراطورية الرومانية , ولا أمام أمبراطورية جنكيزخان . هذه أمبراطورية فرضت فلسفة حياة في سائر مجتمعات العالم . هل يعني سقوطها سقوط العالم ؟
أبعد من أن يكون صراعاً حول البيت الأبيض بين رئيس بكل مواصفات كاليغولا , بالنرجسية المروعة , ورئيس آخر ترعرع داخل "المؤسسة المقدسة" . لعله ... صراع النهايات .
اندرسون قال "في تلك اللحظات شعرت بالذعر . لم أر الديمقراطية , كبنية فلسفية للدولة , وحدها هي التي تتهاوى بعدما وقعت بين أيدي الغوغاء , بالأحرى بين يدي "كائنات أخرى" . الهيكل كله يتداعى . لا أحد ظهر في الصورة سوى أولئك الذين راحوا يحطمون النوافذ , وكانوا على وشك أن يهدموا الكابيتول حجراً حجراً" ...
الكل , بمن فيهم قادة جمهوريون , استشعروا لحظة الهاوية . "هل يمكن للأمبراطورية أن تكون هشة الى هذا الحد ؟" . مايك بنس الذي كما لو أنه ظل لدونالد ترامب , رأى أن الامتثال له , وتغيير نتائج الانتخابات , يعني , في الحال , أن تغدو أميركا "أمبراطورية الموز" !
ربما كان الأكثر فظاعة أن الرئيس الأميركي أعدّ نفسه ليقود التظاهرة الى تلة الكابيتول . المسؤولون الأمنيون في البيت الأبيض قد يكونون حذروه من أن الايرانيين زرعوا رجالهم عند كل مفترق ...
ما قيل في وسائل الاعلام الأميركية , كما في مواقع التواصل , يشي بأن أولئك الذين ترعرعوا على ثقافة الكوكلوكس كلان , كانوا جاهزين للقبض على أعضاء الكونغرس (كرهائن) , وارغامهم على ابطال نتائج الانتخابات , وتطويب دونالد ترامب رئيساً للسنوات الأربع المقبلة , وربما الى الأبد .
بدفة مدوية وصفه جو بايدن بـ"رئيس عصابة" , كما لو أنه يتوعده بالملاحقة بعد خروجه من البيت الأبيض , خصوصاً وأن المعلومات التي بحوزة الرئيس المنتخب تؤكد وجود مئات الشبان الذين كانوا يحملون البنادق , والذين بقوا في سياراتهم بانتظار شيء ما . السناتور اليزابت وارن قالت "كان واضحاً أنهم أتوا الى هنا لكي يعلقونا على الخشبة" !
الكل تحدثوا عن سيناريو الانقلاب . ثمة جهة ما وجهت انذارات مباشرة الى دونالد ترامب , والى حد اتخاذ اجراءات خطيرة بحقه , وهو ما حمله على اطلاق تغريدته الى أتباعه بمغادرة المكان .
وزراء في ادارته دعوا الى تفعيل المادة 25 من الدستور وتنحيته لـ"عدم الأهلية" . باراك أوباما رأى فيه "رجل العار" و"المريض عقلياً" .
سوزان رايس لاحظت أن الرجل الذي لم يتمكن من تفجير الشرق الأوسط يحاول نفجير أميركا . دعت الى نزع أظافره (وصلاحياته) في الحال , فضلاً عن محاكمته بمحاولة التسبب بحرب أهلية , وبالتالي ... تفكيك الدولة !
استقالات في البيت الأبيض بسبب الصدمة . الجنرال جون كيلي قال "الآن يبدو وحيداً , وعارياً . قد لا يجد من يعدّ له المائدة" . أين جاريد كوشنر؟ ايفانكا أطلقت تغريدة تحيي فيها "الغزاة" . مواقع التواصل بلغت حد وصفها بـ العاهرة" . للتو حذفت التغريدة ...
افتتاحية "الواشنطن بوست" سألت كيف له أن يبقى في مكانه بعدما حاول اغتصاب أميركا , وليس فقط اغتصاب السلطة في أميركا ؟ قالت له : ارحل في الحال ...
لاحظوا أي طراز من القردة تحيط به . اذ تعيش الولايات المتحدة ساعات تراجيدية , مايك بومبيو يهدد الصين بعقوبات بسبب المعتقلين في هونغ كونغ ...
المشهد يختزل هكذا : جو بايدن الى البيت الأبيض على جثة ... دونالد ترامب !!
نبيه البرجى